الصحفي سليمان الريسوني:
كل يوم تخرج علينا الأبواب “المُخرششة” للاستخبارات في الإعلام ومواقع التواصل، متهمة هذا الصحافي المستقل، وذلك المدون وتلك الحقوقية والحقوقي… بالولاء والعمالة للجزائر وخيانة الوطن والتحامل عليه…
طبعا، يحدث هذا كلما أوجعهم هؤلاء الإعلاميون والمثقفون النقديون والمعارضون بنشر فضائح المخزن (النظام المغربي الحاكم واستخباراته التي أصبحت تتحكم في كل صغيرة وكبيرة) وفساده الكبير.
المشكل هو لماذا لا تقوم الاستخبارات، التي تقول لنا إنها تشتمُّ ضُراط الإرهابيين قبل أن يطلقوه، لماذا لا تقوم برصد أنشطة “عملاء الجزائر”، ولماذا لا يوقفهم القضاء ويحاكمهم بتهمة “المس بسلامة الدولة الخارجية” والتي تصل عقوبتها إلى الإعدام.. نعم الإعدام، نظر لخطورة هذه التهمة التي تقذفنا بها يوميا أبواق المخزن وفي مقدمتها موقع “برلمان” المملوك للمسؤول في الاستخبارات محمد الخباشي؟
فهل فشلت استخباراتنا في تحديد وضبط هؤلاء العملاء، وهل قضاؤنا عاجز على الضرب بشدة على أيدي كل من يمس بسلامة المغرب وتآمر عليه مع الجزائر؟ أم أن كل ما في الأمر هو أن أبواق الاستخبارات في الصحافة ومواقع التواصل، تحاول فقط التشويش على أحرار المغرب عندما يفضحون فساد واستبداد كبار المسؤولين في الدولة، لتجعل المواطن العادي يقول: إذا كان النظام المغربي عميلا لإسرائيل، فمعارضوه أيضا عملاء للجزائر. و”كلشي مبرونشي” والجميع فاسد، والجميع متآمر على الوطن. ولا سبيل لإصلاح هذا البلد إلى أن تقوم الساعة.
هذه اللعبة طبعا أصبحت مكشوفة ومفضوحة حتى لأبسط المغاربة، والأبواق “المُخرششة” أصبحت مثار سخرية، ويكفي أن ننظر تعليقات المتابعين على منشوراتهم وفي صفحاتهم كيف تسخر منهم وتقدح فيهم وتفضح ارتباطاتهم المشبوهة بالصهاينة والمتصهينين وبالأجهزة البوليسية.
لكن، استمرار أجهزة الاستخبارات وأبواقها في فرقعة بالونات “الخيانة” في الهواء، وعدم قيام النيابة العامة بتحريك المتابعة (إما بالخيانة والمس بسلامة الدولة، أو ببث وتوزيع ادعاءات ووقائع كاذبة والتشهير).. جعل الأمن والقضاء وإعلام الأجهزة بدون مصداقية، وأشبه ما يكون بذلك الرجل الأخرق الذي كان يدخل إلى عمق البحر ويبدأ في الصراخ: إنني أغرق، وعندما يهب الناس لنجدته، يكتشفون أنه يضحك على ذقونهم. وفي يوم ما كان يغرق حقيقة ويصيح في الناس طالبا إنقاذه، لكنهم كانوا يمرون دون أن يلتفتوا إليه. فغرق.
إرسال تعليق