بقلم ✍️ عفاف العرابي:
فاجأني فنجان القهوة الأخير لم يرد البوح بسره الخفي،
ولم تستدل عيونه على المشهد الأخير،حين جمعتنا المائدة المستديرة،
أصيبت الأنفاس بالدهشة نتيجة قطع المسافة المطولة…
والوخزات على عرض سطح المنضدة، قاتلة. بريق مقلتينا تشابك لبرهة،فأفضى بكل ما تحمله النفوس من شجن البوح في عهدها الأخير.
ارتشف أخر ما تبقى من قهوته، وهب واقفا،استأذن بالانصراف،
تقاسمنا بسمة ساخرة، لوح بعضنا لبعض. فتوالت الوخزة تلو الأخرى على عتبات نظرته المنهكة، كل من حولنا تساءل عن سبب وهن ضحكته.. كانت إجاباته تبعث شيئا من الأمل، حين جلس وحيدا حدث قهوته، هل هي فاتنتي؟
من أين له بهذه الكلمة التي يطرب البعض لها أو قد يمقتها الآخر،
ضجيج حواره الأخير جعل القهوة تعلن عن غضب داخلي،
قاوم حدود الفنجان رغم جدرانه السميكة،حاول الانفجار لم يتشقق الحصار بعد، رفض الاستكانة، والتسليم بالأمر الواقع، شفتاه تعارك لسعات القهوة التي تقاوم الرشف، تتجمد فوقها فيعاندها من جديد، انتصر فنجان القهوة متسلحا بالصمت أخيرا. وانصرف البطل.
أزاح النادل قطرات القهوة المتناثرة فوق المنضدة، لتهرب من بين أنامله في اتجاه أخر مقعد جلس عليه،حل الغضب بالنادل يدور حولها. ينظر لسيقانيها..!!! يتمتم بين بينه: كلها مستوية لاشيء تغير.يسكب قطرات من الماء فوق سطحها،علها تمتزج بحبات القهوة، فتطيح بها بعيدا أو تحتويه داخلها.
فحبات القهوة كما هي تزداد عنادا وبريقا،سطح المائدة يصبح أكثر ضيقا،وقد تزاحم الماء والقهوة وبقايا مع الأنفاس الوهنة،
التي سقطت من بوحنا في آخر لقاء.
ينظر النادل في عمق الفنجان، لتأبي القهوة أن تبوح بسرها له.
فينصرف لحاله في دهشة من الحدث.
إرسال تعليق