من شاطئ النجدة إلى ساحة المطاردة… كاستيل دي فيرو مرآة لانهيار القيم الإنسانية

  • بتاريخ : أغسطس 11, 2025 - 9:09 ص
  • الزيارات : 47
  • مريم مستور:

    _ما شهدته كاستيل دي فيرو، بغرناطة، لا يُعد اختلافًا وتباينًا في السلوك فحسب، بل ارتدادًا في مصاف القيمة الإنسانية.
    مهاجرون تائهون أنهكهم البحر، مطاردون من قِبَل أفراد متقمصين دور “الشرطة”، مصورين مشاهدهم كأنها عرض درامي، مرفوعي الأعلام الوطنية وكأن القسوة تبرر عبر الوطنية.

    تمدّدت هذه الحالة من رحم التعاطف إلى العداء الجماعي. فقد تحولت أدوات التضامن—البطانية والماء والقبلة الإنسانية—إلى دروع للاستقطاب، حيث أصبحت الوطنية وسيلة للتبرير لا رحمة، ورفع العلم غطاءً للقسوة بدلًا من أن يكون رمزًا للتضامن.

    في 1 أغسطس 2025، هبطت مجموعة من المهاجرين—من بينهم قاصر—في شاطئ السوتيو بمدينة كاستيل دي فيرو على متن قارب سريع. اندفع بعض السباحين تجاههم، واحتجزوا تسعة منهم بأيديهم، قبل تدخل قوات الأمن . تم لاحقًا نقلهم إلى مركز استقبال المهاجرين (CATE) في موتريل .

    ردود الفعل كانت متباينة: وصف البعض المشهد بـ”انحطاط أخلاقي”، مستنكرين مطاردة أناس نجوا من الغرق بدلاً من مساعدتهم . على الجانب الآخر، هنالك من وجه الاتهام إلى تعزيز خطاب اليمين المتطرف، الذي لا يكلّ من تصوير المهاجر كخطر محدق .

    وفي السياق الرسمي، أكد المجلس المحلي في غوالتشوس–كاستيل دي فيرو تمسكه بالقيم الإنسانية، داعيًا إلى التعايش والكرامة ورفض الكراهية والعنصرية، كما أشاد على لسانه بالاستجابة الإيجابية لغالبية مرتادي الشاطئ في التعامل مع الموقف بروح تضامن .

    _في إسبانيا ككل، شهدت جرائم الكراهية ارتفاعًا ملحوظًا، بزيادة قدرها 21.3٪ خلال عام 2023، مع وجود 2,268 حادثة تم التحقيق فيها، منها 856 ذات دوافع عنصرية أو كراهية ضد المهاجرين أو الأقليات .

    في الأندلس، بلغ عدد الجرائم المرتبطة بعنصرية أو كراهية عام 2022 نحو 207 حالة، وهو ترتيب رابع بين أبرز المناطق الإسبانية .

    الجدير بالتذكر أن الحادث التاريخي في إل إيجيدو خلال عام 2000 مثّل ذروة العنف العرقي في المنطقة، حيث شهدت المدينة اضطرابات عنيفة ضد العمال المهاجرين، ما يؤكد أن مثل هذه التوترات ليست مجرد وقائع عابرة بل تمتد جذورها لزمن طويل .

    _من مشاهد بطانيات النجدة إلى ملاحقة الضعفاء تحت أعلام الوطن٠٠٠٠
    تطرح كاستيل دي فيرو سؤالًا محوريًا: هل أصبح الخوف والتشكك أقوى من روح الإنقاذ؟ وهل بات خط الرجعة لشعوبنا هو التوق إلى التضامن أم الانسياق خلف تحريض الكراهية؟ لأن الوطنية الحقيقية لا تُبنى على الإقصاء، بل على حماية كرامة الإنسان مهما اختلفت ألوانه وأصوله.