بتاريخ : سبتمبر 19, 2025 - 4:31 م
الزيارات : 262
بقلم: مريم مستور:
بدأ الملك فيليب السادس والملكة ليتيثيا، بعد ظهر الثلاثاء، أول زيارة دولة لهما إلى مصر في لحظة إقليمية حرجة، حيث تتزامن الزيارة مع تصعيد إسرائيلي واسع النطاق في غزة، وتوتر سياسي داخلي في إسبانيا حول الموقف من الحرب.
وتهدف هذه الزيارة إلى تعزيز التعاون السياسي والاقتصادي والثقافي بين البلدين، وفي الوقت نفسه دعم الجهود المصرية للوساطة بين إسرائيل وحركة حماس، في ظل مخاوف من امتداد تداعيات الحرب إلى دول الجوار.
خلال لقائه الجالية الإسبانية بالقاهرة، ألقى الملك فيليب السادس خطابًا إنسانيًا عبّر فيه عن التطلع المشترك بين مدريد والقاهرة لتحقيق شرق أوسط ينعم بـ”الاستقرار والكرامة والعدالة”.
وقال الملك:
“يبدو الأمر في الوقت الحالي وكأنه يوتوبيا، لكنه يجب أن يكون ممكنًا، وعلى الجميع أن يساهم في تحقيقه”.
كما أدان الملك بشدة الوضع المأساوي في غزة، معتبرًا أن العملية العسكرية الإسرائيلية التي تلت هجوم أكتوبر 2023 “خلّفت معاناة لا توصف لمئات الآلاف من الأبرياء، وأدت إلى أزمة إنسانية خانقة وتدمير شبه كامل للقطاع”.
تأتي الزيارة في وقت تشهد فيه السياسة الإسبانية انقسامًا حادًا حول الحرب في غزة.
فحكومة بيدرو سانشيز اتخذت سلسلة من الإجراءات التصعيدية ضد حكومة بنيامين نتنياهو، من بينها:
فرض حظر على تصدير الأسلحة لإسرائيل عبر مرسوم قانوني.
منع دخول الطائرات العسكرية الإسرائيلية التي تحمل معدات دفاعية إلى المجال الجوي الإسباني.
إطلاق حملة لطرد إسرائيل من جميع المنافسات الرياضية الدولية.
لكن هذه الإجراءات واجهت رفضًا من الحزب الشعبي المعارض (PP)، الذي يرفض وصف ما يجري في غزة بـ”الإبادة الجماعية”، ما فجّر جدلًا سياسيًا داخليًا محتدمًا.
العلاقات بين مصر وإسبانيا لطالما اتسمت بالود والتعاون، دون نزاعات كبرى.
وقد قام الملك خوان كارلوس والملكة صوفيا بثلاث زيارات رسمية إلى مصر، كان آخرها عام 2008.
وقد خصص الملك فيليب السادس يوم الأربعاء للملفات السياسية، حيث يلتقي بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في جلسات عمل وغداء رسمي وعشاء غير رسمي، لبحث الوضع الإقليمي المشتعل، خصوصًا مع بدء العملية البرية الإسرائيلية الأخيرة.
كما يجتمع الملك مع رئيس مجلس النواب حنفي الجبالي ورئيس مجلس الشيوخ عبد الوهاب عبد الرازق، بمرافقة وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس.
في صباح الخميس، يلتقي الملك مع أمين عام جامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، لمناقشة دور الجامعة في احتواء التصعيد.
وتبرز أهمية مصر في هذا السياق كونها أول دولة عربية وقعت اتفاقية سلام مع إسرائيل عام 1978، إضافة إلى رفضها المطلق لمقترحات تهجير سكان غزة إلى أراضيها أو إلى دول مجاورة.
أما بعد الظهر، فيُركز الملكان على تعزيز التعاون الاقتصادي عبر منتدى أعمال يجمع شركات إسبانية بجهات مصرية، بحضور:
أنطونيو جارامندي، رئيس الاتحاد الإسباني لمنظمات الأعمال (CEOE).
خوسيه لويس بونيت، رئيس غرفة التجارة الإسبانية.
مساء الخميس، يتوجه الملكان إلى مدينة الأقصر، التي تمثل الوجه الثقافي للزيارة.
وتأتي هذه الخطوة في إطار تثمين العلاقات التاريخية بين البلدين، حيث لعب علماء الآثار الإسبان دورًا بارزًا في استكشاف وحماية آثار مصرية منذ أكثر من ستة عقود.
كما أُنجز مؤخرًا مشروع كبير بإشراف شركة Isdefe التابعة لوزارة الدفاع الإسبانية، شمل:
إضاءة أهرامات الجيزة الثلاثة.
تركيب أنظمة مراقبة لعدة مواقع أثرية في الأقصر.
ومن المقرر أن يزور الملك فيليب السادس والملكة ليتيثيا معبد حتشبسوت ومجموعة من المقابر الملكية، في رسالة دعم لقطاع السياحة المصري الذي يعاني من ركود بسبب التوترات الأمنية وهجمات استهدفت قناة السويس.
تمثل هذه الزيارة الملكية أكثر من مجرد جولة دبلوماسية، إذ تعكس التزام مدريد والقاهرة بالعمل المشترك لتحقيق الاستقرار الإقليمي، في وقت يشهد فيه الشرق الأوسط مرحلة من الاضطراب والتحديات الإنسانية غير المسبوقة.
ويرى مراقبون أن نجاح هذه الجهود يتوقف على مدى قدرة الأطراف الدولية، وفي مقدمتها مصر، على كبح جماح التصعيد في غزة، وتوفير أرضية لحل سياسي يضمن “الكرامة والعدالة” التي دعا إليها الملك فيليب السادس.
إرسال تعليق