بين “عطلة في سلام” وتناقضات السياسة: أطفال مخيمات تندوف في تيراسا… ووجه إسبانيا المزدوج

  • بتاريخ : أغسطس 2, 2025 - 12:59 م
  • الزيارات : 425
  • إسبانيا/ مريم مستور :

    استقبلت مدينة تيراسا الكتالانية، خلال صيف 2025، خمسة أطفال قادمين من مخيمات تندوف ، ضمن إطار مشروع “عطلة في سلام” (Vacances en Pau)، الذي تشرف عليه جمعية “تيراسا الصحراوية” (Terrassaharaui). المبادرة، التي تتكرر كل صيف منذ سنة 1999، تهدف إلى توفير إقامة مؤقتة لهؤلاء الأطفال لدى عائلات إسبانية، قصد تمكينهم من العيش في ظروف أفضل، ولو مؤقتًا.

    وفي الجمعة 25 يوليوز، نظّمت بلدية تيراسا حفل استقبال رسمي لهؤلاء الأطفال في قاعة الجلسات الرسمية بمقر المجلس البلدي، بحضور رئيسة لجنة التضامن والتعاون الدولي، روزا بولاديراس، وممثلين عن أبرز الأحزاب السياسية في المدينة، وهم:

    بيب فورن عن حزب Esquerra Republicana de Catalunya (ERC)،

    تشافييه كاردونا عن حزب Tot per Terrassa (TxT)،

    خافيير غارسيا عن الحزب الاشتراكي الكتالاني (PSC)،

    ماري كارمن بايا عن الحزب الشعبي (PP).

    كما شارك في الحفل ممثلون عن جمعية تيراسا الصحراوية والعائلات الحاضنة للأطفال.

    رغم الطابع الإنساني الذي تُسوَّق به هذه المبادرات، فإنها تطرح إشكالات سياسية وأخلاقية معقّدة، خاصة في ظل الموقف الرسمي المعلن لإسبانيا، التي أعلنت في السنوات الأخيرة دعمها العلني لمبادرة الحكم الذاتي المغربية في الصحراء، باعتبارها الحل “الأكثر جدية ومصداقية وواقعية”.

    لكن كيف يمكن تفسير هذا التناقض؟

    كيف يمكن لبلديات إسبانية، بدعم سياسي واضح من مختلف الأحزاب، أن تشارك في استقبال أطفال ترعاهم وتوجّههم جبهة البوليساريو الانفصالية، في الوقت الذي تعترف فيه الحكومة المركزية بشرعية المقترح المغربي؟

    حين يتعلق الأمر بالقضية الوطنية للمغرب، فإن هذه المبادرات – وإن بدت إنسانية – تصبح سلاحًا ذو حدين. فهي في ظاهرها تمنح فرصة للأطفال للراحة والعناية، لكنها في عمقها تُوظَّف لترويج خطاب سياسي انفصالي، حيث يجري تقديم الأطفال كممثلين لكيان غير معترف به، ويتم استغلالهم في حملات إعلامية تهدف إلى كسب تعاطف الرأي العام الأوروبي، لا سيما في إسبانيا.

    والسؤال الأخلاقي هنا:
    هل تدرك العائلات الإسبانية المستضيفة، وبعض السياسيين المحليين، أنهم بتحركاتهم هذه يساهمون – بقصد أو بغير قصد – في شرعنة كيان وهمي لا يخدم السلم ولا الاستقرار في المنطقة؟

    من غير المقبول أن تستمر بعض الجمعيات والبلديات الإسبانية في تقديم الدعم المادي واللوجستيكي لأنشطة مرتبطة بالبوليساريو، بينما تسعى مدريد الرسمية لتوطيد علاقاتها مع الرباط، والاعتراف بأهمية المغرب كشريك استراتيجي في مجالات الهجرة، ومحاربة الإرهاب، والتعاون الاقتصادي.

    تضامن بوجهين لا يبني سلامًا، بل يعمق جراحًا.
    فمن أراد أن يساعد أطفال الصحراء، فليساعدهم في بناء مستقبلهم داخل وطنهم، لا في التشبث بوهم الانفصال وتشتيت هويتهم.