بعدما رفضت الشعوب الإفريقية، وفي مقدّمتها الشعب الكيني، أي مسعى لإضفاء الشرعية على مشروع تقسيم السودان غير المُعلن، والذي تحاول ميليشيا الدعم السريع وداعموها الإقليميون فرضه من خلال إنشاء حكومة موازية. واليوم، جاء دور الاتحاد الإفريقي ليُعبر عن موقفه، حيث ندّد بإعلان قوات الدعم السريع والقوى السياسية المرتبطة بها تشكيل كيان حكومي موازٍ في السودان، مُحذّرًا من أنّ هذه الخطوة تمثل “خطرًا هائلًا على وحدة البلاد”. ربما كان تفاؤلنا بتعيين رئيس المفوضية الجيبوتي الجديد ونائبته الجزائرية في محلّه، إذ كان الاتحاد الإفريقي في عهد موسى فكّي يتعامل مع مثل هذه الأزمات بصمت مُريب، وكأنّها مجرد أحداث عابرة. لكن الموقف الحالي مشرّف ومتفاعل مع أحداث القارة. ومع ذلك، ورغم أهمية التنديد، إلاّ أنه في وجهة نظري؛ لا يكفي. المطلوب ليس مجرد بيانات تنديد، بل إدانة واضحة وصريحة تُلزم الدول الإفريقية بعدم التعامل مع هذا الكيان الموازي، وقطع الطريق على أي قوى إقليمية تسعى لاستغلال هذه الفوضى. تماما كما دعا «مجلس الأمن والسلم والأفريقي»، في بيان له، الدول الأعضاء والمجتمع الدولي إلى «عدم الاعتراف بأي حكومة أو كيان يسعى لتقسيم السودان، وحكم جزء من أراضيه أو مؤسساته».نعلم يقينًا أن هناك من سيسارع إلى الاعتراف بهذه الحكومة المُصطنعة، محاولًا فرضها كأمر واقع، تمامًا كما حدث في اليمن وليبيا، حيث أُجبر المجتمع الدولي على التعامل مع حكومتين متصارعتين، مما أدى إلى إطالة أمد النزاع وتعقيد فرص الحل. لذلك، يجب أن تشدّد المفوضية أن السودان ليس ساحة مفتوحة للتجارب الفاشلة، وعلى الاتحاد الإفريقي أن يُدرك أن التردد في إدانةٍ واضحةٍ وصريحة في هذه اللحظة قد يكون بداية لسقوط آخر حصون السيادة الإفريقية.
يجب أنْ يُقال بوضوح لا يقبل التأويل؛ السودان سيبقى شامخًا وموحدًا!
إرسال تعليق