لهذا السبب أنا صحافي مستقل وحر..

  • بتاريخ : مارس 29, 2025 - 9:13 م
  • الزيارات : 185
  • بقلم  🖋️ سليمان الريسوني :

    قبل أيام نشرت مستخدمة سابقة في مكتب الاتصال الإسرائيلي بالرباط، تدوينة تنتقد فيها بعض التعابير المتداولة في تصنيف الصحافيين إلى “حر” و”مستقل”… هذه السيدة المكلفة بتحريك اليوتوبور السلكوط “توقبة”، سبق لها أن علقت على حوار لي تحدثت فيه عن الصحافة والصحافيين “المبرونشيين” مع الأجهزة الأمنية (يكاد المريب يقول خذوني)، فحنثها الواقع حين اتصل الشرعي بالتيجيني (المبرونشي معه) فحذف التيجيني الحوار، في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ المغرب، كما قال الصحافي يونس مسكين.

    * اليوم أطلعني صديق على تدوينة لمسؤولة في نقابة الصحافة معروفة بارتباطها بالأجهزة الأمنية والاستخباراتية، تقول فيها بأنه لا وجود لصحافي حر وآخر عبد. هذه الشرطية التي أعارها الحموشي لجريدة الشرعي، كان يقول عنها صحافي اسمه “الفن. م” إن الله حباها بكل المواهب إلا موهبة الكتابة. لذلك على هذه السيدة أن تصبح أولا صحافية (بالكتابة وليس ببطاقة مجاهد) قبل أن تكون “صحافية حرة” أو “صحافية أمَة”.

    * يُحكى عن الصحافي- الشاعر المرحوم سعيد الصديقي (عزيزي) أنه عندما كان رئيسا لتحرير جريدة “الطليعة”، لسان حال الاتحاد المغربي للشغل، سلمه المحجوب بن الصديق مقالا بالفرنسية طالبا منه ترجمته إلى العربية ونشره بالجريدة. اطلع عزيزي على المقال فوجده كما لو كان مكتوبا بلغة غير الفرنسية، من فرط وفداحة أخطائه، فعذل عن نشره. بعد أيام اتصل به المحجوب بن الصديق يسأله عن سبب التأخر في نشر المقال فأجابه عزيزي: “أ السي المحجوب المقال خصني نترجمو للفرنسوية بعدا عاد نترجمو للعربية وننشرو”. كذلك مقالات وتدوينات هذه الشرطية المعارة للصحافة.. تتم ترجمتها من العربية إلى العربية قبل نشرها في منشور “الأحداث”، وكم ترجمتُ لها من تدوينة كتبَتها بالهيروغليفية معتقدة أنها كتبتها بالعربية (غفر الله لي).

    * خلال ندوة شاركت فيها رفقة المرحوم العزيز خالد الجامعي، والصحافي علي أنوزلا، بمدينة القصر الكبير، فوجئت بالحاضرين يخاطبوننا، أثناء تدخلاتهم، بالصحافيين المناضلين. أخذت الكلمة وقلت لهم: نحن لسنا مناضلين، نحن مجرد صحافيين نقوم بعملنا في حدوده الدنيا. ولأن الصحافيين في المغرب يمنعهم الخوف والخبز من القيام بمهامهم، فنحن نبدو مناضلين ووو.

    * كان محمود رويش يردد عبارة “كفانا من هذا الحب القاسي”، عندما يتم تقديمه في اللقاءات الشعرية بصفته فلسطينيا مضطهدا، ومناضلا قياديا في منظمة التحرير وووو، فيما كان يمكن أن تكفيه صفة الشاعر. ومرة قال ما مفاده: لو أمكنني غربلة قصائدي لأبعدت كثيرا من القصائد التي يطغى فيها النضال على الشعر.

    * في واقع مغربي، تدير فيه أجهزة المخابرات أغلب المنابر الصحافية، ويملك رئيس الحكومة أو يمول ما تبقى من هذه المنابر. وتؤدي الدولة رواتب كل الصحافيين… ويشتغل رئيس نقابة الصحافة ونائبته في جريدة يملكها مسؤول في الاستخبارات، وينشر رئيس مجلس الصحافة (اللجنة المؤقتة) مقالاته في موقع ” Bar لامان” المملوك لرجل الاستخبارات الخباشي، ويقف رئيس اللجنة المؤقتة هذا في طليعة من يحاربون زملاءه الصحافيين المغضوب عليهم …

    في واقع كهذا كيف نسمي صحافيا يختار “الفقر والشجاعة”، والسجن على قول العام زين؟ أليس صحافيا مستقلا؟ أليس صحافيا حرا؟ هذا تصنيف ليس مغربيا، بل تطلقه كبرى المنظمات الحقوقية في العالم على هذا النوع من الصحافيين، الذين يشرفني ويؤسفني أن أكون، ولا مشاحة، واحدا منهم. وهو ليس ميزة صحافية بل “حب قاسي” بتعبير درويش.

    الصحافي المتميز هو الذي يكتب مقالات متميزة، وينجز تحقيقات جيدة. وليس الذي يقول أو يقال عنه: “صحافي حر”، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون. لكن ليس في مغرب الشرعي والخباشي وشحيتينة. بل يوم يحصل فيه المغرب والمغاربة على “الاستقلال”.